وصفت جريدة " العاصمة " الدمشقية في عددها الصادر في 11 أذار 1920 الوقائع التي جرت يوم قرر المؤتمر السوري العام اعلان قيام المملكة السورية على أراضي سوريا و فلسطين و الاردن و لبنان، و تنصيب الامير فيصل بن الحسين ملكا عليها، ردا على موقف فرنسا و انكلترا الرافض لمنح سوريا استقلالها، و محاولة فرض الانتداب عليها بعد تقسيمها .
لم يعترف الفرنسيون و الانكليز بمقررات المؤتمر و اعتبروها لاغية، و استمروا في توجيه خطاباتهم لفيصل بلقب الامير بدلا من لقب الملك.
الملك فيصل بن الحسين
عقدت الدولتان الاستعماريتان مؤتمر " سان ريمو " و تجاهلت مقررات المؤتمر السوري تماما، ووضعت بموجب مقرراته سوريا و لبنان تحت الانتداب الفرنسي، و الاردن و العراق تحت الانتداب الانكليزي .
قام فيصل بتعيين هاشم الاتاسي رئيسا للوزراء، و يوسف العظمة وزيرا للحربية، و عبد الرحمن الشهبندر وزيرا للخارجية، و جميعهم من المعروفين بتشددهم في مواجهة الفرنسيين .
هاشم الاتاسي
رد الفرنسيون بتعزيز قواتهم بقيادة غورو في بيروت، و انتهى الامر في معركة ميسلون المعروفة .
شهيد ميسلون : يوسف العظمة
وقائع يوم اعلان استقلال المملكة السورية
ماجت ساحة الشهداء و ضفتا بردى و الشوارع المفضية إليهما بعشرات الألوف من السوريين ضحى يوم الاثنين الماضي ابتهاجاً بالحادثة التاريخية العظمى ، حادثة إعلان الأمة السورية إرادتها و إعرابها عن مشيئتها للاستقلال التام الذي لا تشوبه شائبة، و استبشاراً بتتويج جلالته مليكها المحبوب فيصل الأول .
وفي الساعة الواحدة بعد الظهر كانت الجنود و تلاميذ المدارس و كشافاتها و نقابات الحرف مصطفة على جانبي الطريق المفضي من قصر الملك في الصالحية إلى قصر الحكومة و دائرة المجلس البلدي على ضفة بردى .
فأقبل ثلاثون مندوباً من المؤتمر السوري بعربات فخمة أوصلتهم إلى دار الملك حيث أبلغوا أمير الأمس و مليك اليوم خلاصة قرارهم الذي تضمنه جوابهم المنشور في صدر هذا العدد و طلبوا تشريفه إلى المجلس البلدي لإعلان ذلك رسمياً .
وفي الساعة الثانية والنصف سار الموكب الملوكي المهيب من القصر في الجسر الأبيض إلى دار البلدية في ساحة الشهداء ، وكان في مقدمة الموكب نواب الأمة ثم أركان الحكومة ثم العربة الملوكية وفي يمينها مليك اليوم لابساً بزّة مشير والى يساره صاحب السمو الملكي الأمير زيد بلباسه العسكري و حول المركبة رجال أركان الحرب وورائها الحرس الخاص فالأشراف فالفرسان الرماحة فرجال البلاط .
وكان ساعتئذ في دار المجلس البلدي قناصل الدول المختلفة و المحايدة و الرؤساء الروحيون و الزعماء و الوجهاء ينتظرون تشريف الموكب الملوكي .
وعند وصول الموكب في الساعة الثالثة بعد الظهر استقبله أركان الحكومة عند باب المجلس البلدي وعزفت الموسيقى فصعد جلالة الملك إلى البهو و استوى على كرسي عالي و عن يمينه سمو الأمير زيد و القناصل، وعن يساره أركان الحكومة ووراءه رجال البلاط .
و حينئذ تقدم هاشم بك الأتاسي رئيس المؤتمر فحياه بلقب "جلالة الملك" و استأذن لكاتب المؤتمر بتلاوة قرار نواب الأمة على الشعب، فتلاه والكاتب على صوت طلقات المدافع "مائة طلقة و طلقة" وعلى صوت هتاف الشعب.
ثم عزفت الموسيقى بالنشيد الملوكي .
ثم جاء وفد المؤتمر العراقي المنعقد في دمشق واستأذن بتلاوة قراره فبدأ السيد توفيق السويدي يتلو هذا القرار و فيه :
( إن المؤتمر العراقي المنتخب من العراق انتخاباً قانونياً يعلن استقلال القطر العراقي و ينادي بسمو الأمير عبد الله نجل جلالة الملك حسين الأول ملكاً على العراق ، وينادي بسمو الأمير زيد نائباً لملك العراق).
فهتف الجمهور لذلك و صفق تصفيقاً حاداً.
ثم أقبل الحاضرون على مبايعة جلالة الملك المعظم فقال جلالته :
( أشكر لسوريا ثقتها بي . إنني ما عملت حتى يومي هذا – ولن أعمل قط- لغرض شخصي أو لمنصب .
وأشهد الله أنني أبذل الجهد فيما يكفل استقلال العرب و بلادهم ، وكلّ ما يعود على الشعب السوري العربي بالخير و الفلاح. والله على ما أقول وكيل ).
واستمر المبايعون جماعة بعد جماعة وكان ختام ذلك استعراض جلالة الملك للقسم الموجود في العاصمة من الجيش السوري فكان منظره مهيباً جداً.
ثم آب جلالة الملك إلى القصر الملوكي وسط هتاف الشعب و تصفيقه المتواصل .
أقيمت الزينات و الأعياد لهذا الحادث الوطني العظيم من يوم الاثنين و ليلته إلى ليلتنا هذه التي كانت غرة في جبين الدهر.
المحامي علاء السيد – عكس السير
لحظات تاريخية في تاريخ سوريا
ردحذف