١٨‏/٠٨‏/٢٠٠٨

حلب السورية تستعيد شهرة أطباقها المميزة

ينهمك
الطاهي يان غزال وزملاؤه في تقطيع الخضروات والأعشاب لتحضير طبق خفيف من المقبلات. ويعكف غزال على تقطيع البصل ولحم الضأن ويضيف إليهما معجون الفلفل الحار والبرغل وفقا لوصفة قديمة لإعداد الكبة بسفرجلية التي عرفت في مدينة حلب السورية من خلال حركة التجارة قديما مع الصين.
وبعد إعداد الخليط يشكل إلى قطع بيضاوية الشكل تحشى باللحم والمكسرات والبصل. وتضاف إلى مرق السفرجل والثوم ودبس الرمان والنعناع واللحم المقطع، ويختلف هذا الطبق عن 40 صنفا آخر من الكبة التي تطهى في منازل حلب إحدى أقدم مدن العالم.
وتلقى غزال (25 عاما) تدريبا بمعهد أخوان بورسيل في فرنسا قبل أن يعود إلى مدينته في سوريا. ويقول غزال أن أصناف الطعام التي تشتهر بها حلب تبلغ درجة من الرقي تمكنها من إرضاء أصعب الأذواق. وقال الطاهي الشاب "الناس هنا في حلب ذوقهم صعب جدا لذا من الصعب على الطاهي أن يرضيهم. وهذا هو سبب أننا عندما نصدر هذا الطعام إلى أوروبا يلقى تقديرا كبيرا من الأوروبيين."
وكانت حلب في ظل شهرة طريق الحرير ورخاء المدينة عاصمة لفنون الطهي في المنطقة العربية قبل أفول نجمها الاقتصادي والثقافي. لكن سوريا فتحت نسبياً في السنوات القليلة الماضية المجال للنشاط الاقتصادي الخاص بعد عقود من التأميم وهيمنة الدولة على الاقتصاد مما أعاد الاهتمام الخارجي إلى أطعمة حلب المميزة، مع أن سكان حلب مشهورون في سورية بحبهم للطعام، وبذوقهم العالي في إعداده، حتى أن حلب تعرف لدى كثير من السوريين "بأم المحاشي والكبب".وعثر على طريقة إعداد الكبة بسفرجلية مدونة في كتاب عن الطهي في حلب عمره 800 عام. وتقدم هذه "الأكلة" المميزة عادة في الولائم والمناسبات والأعياد، مع أنواع الكبب والمحاشي. ويتفنن الحلبيون في إكرام ضيوفهم في تلك المناسبات، ويربطون مقدار مودة المدعوين لأصحاب البيت بمقدار ما يأكلون في الوليمة فيقولون "الأكل على قدر المحبة". وتمتد جذور أصناف الطعام التي تتميز بها المدينة إلى الغزاة المختلفين الذين توالوا عليها من السلاجقة إلى المماليك إلى العثمانيين بالإضافة إلى اللاجئين الأرمن والجراكسة. وهناك وصفات لأطباق جاءت من أفريقيا عبر اليمن، والمطبخ الحلبي متأثر جداً بالمطبخ التركي القريب منه.
وتشترك حلب مع مدينة الموصل العراقية في تميزها في إعداد طبق كبة الارز التي تصنع بدون البرغل. وترتبط المدينتان بعلاقات أسرية وتجارية قديمة. وفر آلاف العراقيين إلى حلب في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 ودخل كثير من الإطباق العراقية إلى قائمة الأطعمة في المطاعم التي تنتشر في شوارع المدينة.
ويختلف غزال عن الطهاة في العديد من مطاعم حلب الأخرى بأنه لا يستخدم كميات كبيرة من الدهون. واستغل غزال الخبرة التي حصل عليها في فرنسا لتطوير أطباق تعلمها من والدته. وأغرى أحد الأعضاء المؤسسين للجمعية السورية للذواقة التي تأسست قبل بضع سنوات في حلب للحفاظ على تقاليد المدينة في الطهي وتطويرها الطاهي الشاب بالعودة إلى سوريا.
ومنحت الأكاديمية الدولية للذواقة إحدى جوائزها للطهي لمدينة حلب. كما زار وفد من فرع الأكاديمية في اسطنبول المدينة التي تشبه أكلاتها الأطباق المعروفة في تركيا في الآونة الأخيرة.
وذكرت عضو الأكاديمية عايدة غوراني أن التأثير التركي يلاحظ بدرجة أكبر في أصناف المعجنات في حلب. وقالت "حلب تأثرت بالمعجنات التركية والمعجنات التركية هي بس بحلب بتصير والآكلات بالزيت."
وقدمت أنواع المقبلات والمشهيات والإطباق الرئيسة التي تطهى يوميا في منازل حلب والتي يستغرق إعدادها ساعات في مأدبة غداء نظمتها الأكاديمية الدولية للذواقة في المدينة.
وقال تاجر سوري يدعى عبود غنطوس "كانت الوالدة تعمل لنا اياها بس صار لي إنا بما اني ماني (لست) عايش هون ما عاد آكل هي الأكلة. بس أكلة بتستحق الواحد يجي على حلب ويأكلها خصوصي."
وقال أعضاء في الأكاديمية أن بعض العائلات في حلب ما زالت تحتفظ بوصفات أصناف مشهورة من الطعام منذ قرون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق