٠٢‏/٠٨‏/٢٠٠٨

قناة العربية , أولمرت , والملابس الداخلية النسائية , ثم شيء من السياسة !.. بـقـلـم : أحمد علي المصطفى




قناة العربية , أولمرت , والملابس الداخلية النسائية , ثم شيء من السياسة !.. بـقـلـم : أحمد علي المصطفى
من أخبار موقع وقناة العربية التي أدرجتها خلال الشهر الماضي خبر يقول : بأن السعوديات ينفقن على ملابسهن الداخلية أكثر من ألف وخمسمائة مليون ريال سعودي سنويا , وخبر آخر يتكلم عن حجازي قام بتزويج ابنته وهي في العاشرة من عمرها لعجوز من مواطنيه جاوز سن الخامسة والسبعين , خبر يتكلم عن فتوى تبيح للمرأة الموظفة أن ترضع زميلها الموظف في العمل معها , وخبر يتكلم عن آخر منتج لأحمر شفاه متطور استخدمته راقصة من الدرجة الثالثة في كازينو درجة خامسة يتبع قرية نائية منسية على ضفاف نهر زامبـيزي في زيمبابوي , وسبق إخباري عظيم الأهمية يعلمنا بآخر ( شحاطة ) حمَّام اشترتها بطلة مسلسل نور وما هو لونها ومقاسها وكيفية استخدامها , وربما عن آخر شفرة حلاقة شذب بها بطل المسلسل التركي الوسيم مهند لحيته , تلك الحوادث أو الأخبار التافهة وإن كانت تتخذ صفة الفردية في أغلب الأحيان , إلا أن تلك القناة الخبيثة تصوغ الخبر صياغة تحيله ليتخذ شكل القضية التي تعكس حالة جماهيرية عامة متفشية , والغريب في الأمر بل والمضحك حقيقة أن تحاول تلك المحطة المنحطة بعد كل ذلك أن تهزأ بعقول المشاهدين لتقدم نفسها على أنها قناة إخبارية سياسية ! فلا أعلم جوهر وكنه تلك السياسة التي تقصدها تلك المحطة , أو ما هو مفهومها لمعنى السياسة أساسا ؟ فإن كانت سياسة الأفخاذ والسيقان , والغواني والقيان فهذا لعمري تقديم صريح لمعنى السياسة الذي تنتحله وتتخذ منه منهجا ومسلكا وسبيلا , أما إن أقحمت نفسها في ميادين السياسات الفعلية التي نعلم فهذا أمر يفوق التهريج بالطبع , كونها باتت مفضوحة لأي غرٍّ بأنها أداة وذراع أمريكي في المنطقة لا غاية له سوى التخريب والفساد والإفساد , فما بال تلك المحطة وقد تعرت بالفعل وبشكل فظ وقح وغبي لتتكلم بلسان حال الأعداء الفعليين لا كناقل يفترض فيه الحيادية والموضوعية بل وأقلَّها المهنية كي لا يفضحوا أنفسهم بهذا الشكل الفج الأبله كما يلحون في تصرفاتهم المتهورة , فمن ذا العاقل الذي يصدق ما ذكرته المحطة عن بوادر خشية وقلق سوريين على مصير رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت من أن يتنحى قريبا ويترك منصبه لمن هو أقوى منه فتفوت الفرصة بذلك على السوريين في أن يدفعوه وهو الرجل الرخو الضعيف لتوقيع اتفاق سلام مع سوريا تستعيد من خلاله الجولان ! هذا التحليل الاستفزازي العدواني ذو النوايا السيئة المبيتة يؤكد لنا بما لا يدع مجالا للشك رسالة المحطة التي تخدم الإسرائيليين قبل أي أحد آخر , فمعرفة القائمين على المحطة ومن هم خلفها بالسياسة السورية ومن خلال هذا القياس الذي رغبوا في أن يظهروه بهذا الشكل هي كمعرفتي أنا باللغة الكمبودية أو بمدى إجادتي لرقصة الهولا هولا في جزر هاواي ! ربما أذكّـر هؤلاء بما أورده الرئيس الأسد مؤخرا في المؤتمر الصحفي الرباعي الذي جمعه في فرنسا و الرئيس الفرنسي ساركوزي والرئيس اللبناني سليمان وأمير قطر , ففي سياق حديثه عن عملية السلام في المنطقة والدور الذي من المفترض أن تلعبه الإدارة الأمريكية فيها تطرق إلى ذلك قائلا : " بأن هذه الإدارة الأمريكية ( إدارة جورج بوش الابن ) غير مهتمة بعملية السلام ولن نبدأ بهذا الموضوع قبل ستة أشهر أخرى أي قبل مجيء إدارة أمريكية مقبلة ". من خلال ذلك يتبين بجلاء تام عدم التسرع السوري أساسا للدخول في عملية سلام فاشلة أو ضعيفة وربما قد تكون ( شكلية ) لا تعيد الحقوق كاملة كما هو معلوم لدى كل الإدارات والأحزاب والكتل الإسرائيلية من صقور وحمائم , عمل أو ليكود كانوا , كاديما أو شاس , لا فرق في هذا الأمر , خاصة وأن السوريين كما أغلب الساسة على دراية تامة باحتمالية تنحي أولمرت , فمن المنطقي ألا يتم التعاطي في مسائل كهذه على أساس التعامل الفردي أو الاعتماد على أشخاص بعينهم , وسوريا أيضا ليست بغافلة عن الجوهر والطبيعة الجوانية التي تشكل بؤرة أولمرت اليمينية في حقيقته غير التي يظهرها للعوام , ولا يفوتها تاريخه حين كان يرئس بلدية القدس وإيمانه الراسخ بالدولة اليهودية التي لا يرى عاصمة أبدية لها سواها فشجع سياسة الاستيطان فيها وضيّق وشدد على أهلها من العرب في استصداره لقرارات ظالمة تسلبهم حقوقهم فيها , ولا يفوتها افتراض مناورته في العملية السلمية لغايات أصبحت معلومة , كما لا يفوت أي متتبع بالتأكيد ذلك التسارع المحموم الذي تحاول إسرائيل أن تقتنص كل لحظة فيه لتضيف إلى ترسانتها رصيدا إضافيا آخر من صنوف أسلحة أمريكية متطورة لا تبشر بأي خير أو بمصداقية تحمل في طياتها النوايا السلمية الصرفة للمنطقة , ولن يغفل على أحد تلك المناورات الهجومية الجوية التي قامت بها إسرائيل مؤخرا بمعية الولايات المتحدة الأمريكية في أجواء شرق المتوسط وقرب اليونان , ولسوريا أيضا مفاتيح قوتها التي تعرفها الأطراف الأخرى تماما وتحسب لها حسابا وهي وإن لم توازها من حيث الكم والنوع , لكنها تشكل خطرا جديا لا يمكن التغاضي عنه يقلق إدارات الكيان الإسرائيلي بالتأكيد , ولو كان ثمة تسرّع أو تهافت من قبل سوريا كما تدعي المحطة لفعلت ذلك قديما كما عرض زبيغينيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي السابق وفي عقد السبعينيات من القرن المنصرم خطته حينها , ولعله من الجيد أن نذكر هنا توقفت المفاوضات غير المباشرة عند ما يسمى بوديعة رابين , ولو كان من استعجال وتسرع أيضا لكان ثمة تنازل كما تنازل بقية الأطراف لإسرائيل عن حقوق لهم كثيرة وتمت الموافقة على شروط هي ما دون الوديعة المذكورة إن كانت القضية ترتبط بوقت أو بفرد ما , ومنذ مقتل رابين حتى الآن تبدلت وتغيرت حكومات عديدة لم تغير من واقع الأمر شيئا فيما يتعلق بسقف الحقوق المشروعة , فرحيل أولمرت أو عدمه لا يغير من ثبوتية المطالب التي ستبقى انسحاب إسرائيل إلى خط الرابع من حزيران عام 1967م , لهذا أستغرب غباء المحطة أو تصنعها الغباء حين يشط بها الحمق لتقدم هذا التحليل الذي تكلمنا عنه , على أي حال فقد تعرف الجمع من الناس على كنه رسالة تلك المحطة المزروعة في قلب الوطن العربي لغايات استعمارية قذرة , فلم يعد دورها العلني الهدام بخاف على فرد من الناس والذي يجهد لتحسين صورة الأمريكان في العراق والعمل لديهم كمستخدمين يروجون لحذاء اليانكي الاستعماري ويقدمون المحتل على أنه منقذ لأهل الرافدين ويشيعون سياساته من خلال أدواتهم الإعلامية الوسخة فهم عبيد مأجورون لمحطة لا تعرف من العروبة سوى الاسم , محطة تنقل الأكاذيب والمواد المدروسة والمعدة سلفا بيد الأمريكي وبأمره من قلب المنطقة الخضراء في بغداد , فالمقاوم للمحتل العسكري الأمريكي هو إرهابي ومتطرف ومخرب , طبعا في عرف القناة , والعمليات التي تتم ضد عربات الأمريكان وجنودهم هي عمليات إرهابية , ولم أسمع القناة يوما ذكرت أو وصفت جحافل الأمريكان في العراق بالمحتلين , فهي المحطة التي اختارها الدموي بوش الصغير كي يختصها بلقاء متلفز يهدد فيه سوريا بوقاحة وكل الدول التي ترفض أن تسبح بحمد القوة الأمريكية وتدور في فلكها , وهي المحطة التي باتت تروج لسياسات تغيير المناهج الدراسية لتتوافق ورؤى المستعمرين , بل وحتى أنها أصبحت تساعد على تغيير الأنماط التربوية الاجتماعية الأسرية العربية والإسلامية على وجه الخصوص عبر بث السموم التي بُـرمِـجَـت جرعاتها لتحقن في البدن المشرقي العربي في العمل على إنهاك وتفتيت آخر أركان ودعامات البيت الواحد رويدا رويدا بما يتطابق ومخططات المحتل الأمريكي والإسرائيلي فتبث الفتن الطائفية والعرقية والعنصرية والدينية من خلال انتقائها لأخبار محددة شاذة تشعل البغضاء والشحناء وتسعر النار في نفوس أخوة الدار . لكني أقول هنا : كما ذهب الحمار بأم عمرو فلا رجعت ولا رجع الحمار , سيأتي زمن قريب يذهب بهؤلاء وشرورهم إلى غير رجعة فيلفظهم ويركلهم ليرمي بهم إلى المكان الذي يستحقون في خرائب التاريخ والجغرافية والسياسة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق