٠٣‏/٠٨‏/٢٠٠٩

اكبر مطعم في العالم .... في دمشق ..... مهدد بالاغلاق

صاحب مطعم بوابة دمشق::


أكثر من مرة فكر مهند السمان صاحب ومدير مطعم بوابة دمشق بتحويل مطعمه إلى فيلا وإغلاقه، رغم أنه دخل سجل " غينيس" للأرقام القياسية باعتباره أكبر مطعم في العالم، ورغم أنه يشغل نحو 1200 عامل في أوقات الذروة، ورغم كلفته الباهظة.
وأكثر من ذلك، سبق للسمان أنّ ألغى فكرة مشروعين سياحيين، الأول أطول تلفريك في الشرق الأوسط بطول 9 كيلومتر في صيدنايا بكلفة 40 مليون دولار، والثاني أكبر صالة تزلج على طريق المطار بكلفة 15 مليون دولار، مع أنّ دراسات الجدوى لهما جاهزة.
يقول السمان: أثناء بناء بوابة دمشق كان توجه الوالد نحو المساهمة في صناعة السياحة في سورية لأننا كنا نسمع بالتشجيع السياحي، وعلى هذا الأساس جئنا من الكويت بعد غربة 50 عاماً ولو كنا نعرف حجم المعيقات التي ستصادفنا لما أكملنا حتى بناء هذا المطعم.
قبل الحديث عن المعيقات التي واجهتكم، كيف استقبلت وزارة السياحة دخولكم إلى غينيس؟
* السمان: بناء على طلب غينيس لم أصرح عن دخولنا السجل حتى وقت الاحتفال، عندها أرسلت نسخة من الشهادة إلى وزارة السياحة، فرفضوا الحضور في البداية بحجة أنه لم يجر إعلامهم مسبقاً، أخبرتهم بأننا أحببنا مفاجأتهم، وأن نحو 50 وكالة إعلامية ستحضر منها رويترز والسي إن إن وفرانس برس وغيرهم، لكنهم أصروا على موقفهم، فتوجهت إلى رئيس مجلس الوزراء الذي شكرنا وقال إنّ هذا المطعم الآن للبلد وليس لآل السمان، وحين طلبت منه حضور الحفل أجابني هذا من مهام وزير السياحة، ولما أعلمته برفض هذا الأخير الحضور، كلفه بذلك بكتاب رسمي.
أثناء الحفل رفض وزير السياحة التحدث، وكان تعليقه للتفلزيون السوري سمجاً ومفاده أنّ هناك العديد من المنشآت السياحية في سورية تستحق شهادة غينيس وليس فقط بوابة دمشق.
تصّور، يوم الخميس 28/5/2008، حصلنا على الجائزة وبعدها بيومين، أي السبت، جاءتنا لجنة للتحقيق في كيفية حصولنا على الجائزة، وجاءت المالية وحررت مخالفة بحقنا بقيمة 2مليون ليرة على أساس أننا متهربون ضريبياً، وقالوا لنا إنّ هذه مباركة غينيس، أما أساتذتنا في لندن فراحوا يباركون لنا سيما بعد أن نشرت الفاينانشل تايمز مقالاً عن المطعم وأجوائه وعدد عماله.
على آية حال، أصبح هذا من الماضي وأصلحنا الأمر بعد تدخل وإصرار أناس من فوق.
ما هي المعيقات التي دفعتكم لإيقاف بقية مشروعاتكم؟
* السمان: البلدية ومدراء الناحية والمحافظة والمالية، ألا يكفي هؤلاء لإيقاف أي مشروع؟ الآن لدينا مشروعان على طريق المطار أنجز منهم 80% وتوقفوا بسبب إعاقات من المالية والمحافظة، وهناك الكثير من الجهات ليس لها علاقة لكنها قادرة على توقيف العمل وبصراحة: " ادفع يمشي أمرك وإذا لم تدفع لا يمشي أمرك".
يفرضون عليك مبلغاً من المال لتدفعه حتى لو كانت أوراقك نظامية، لأنهم يستطيعون دوماً أن يجدوا لك مبرراً لم تحسب حسابه، وهذا للأسف يتسبب في هرب الكثير من المستثمرين خارج البلد، بالمقابل هناك الكثير من المستثمرين لا أحد يستطيع أن يقرب منهم مثل الوليد بن طلال، فمثلاً إذا جاء الشيراتون ليستثمر سياحياً في البلد لن تكون معيقاته في البلد مثل مستثمر يريد بناء فندق خمسة نجوم.
وللأسف أيضاً، المعيقات موجودة في فترة الإنشاء وما بعدها أي في فترة الاستثمار.
لكن القوانين والأنظمة تشجع الاستثمار وتقدم تسهيلات؟
* جئنا على أساس القانون رقم (10) وعلى أساس وجود تخفيضات فلم نجد شيئاً، ولما سألنا عن السبب قيل لنا إنّ هذا القرار لم ينفذ بعد، إذاً لماذا كتب؟؟
ما هي مشكلتكم الرئيسية؟
* المالية، تتعامل معنا المالية أسوأ مما لو كنا أعداءها، يأتي موظفوها جماعات، من 6ـ 7 أشخاص، ويجلسون وراء الحاسوب، مع أنهم لا يعرفون استخدامه، ولا يأتون إلا يوم الجمعة في ذروة الازدحام، ويثيرون شغباً وصراخاً غير طبيعيين، ودون مبرر، وأول كلمة يقولونها باستفزاز، نريد إغلاق المحل، ووالدي فكر بإغلاق المطعم، وتحويله إلى فيلا شخصية، بسبب ممارسات موظفي المالية، جاؤوا وكتبوا مخالفة ب3 مليون ليرة، ولما سألنا عن السبب، قالوا إننا صرحنا في الشهر الفائت عن مبلغ قليل، ولم يقتنعوا أنه كان شهر امتحانات وركود.
عموماً، يمكنكم ملاحظة أنّ الضبوط والمخالفات تحصل لمعظم المطاعم في وقت واحد، كأن لديهم موعد لجمع الغلة بأسلوب بدائي، بأسلوب سلطة لا تستطيع معارضته.
قلنا لوزارة المالية إن كنتم تشكون بوجود تهرب مالي وضريبي، فاأتونا من عندكم بمحاسبين يستلمون الصندوق ونحن ندفع أجورهم، وعندها يتبين لكم الدخل الحقيقي، فرفضوا، وأنا من مصلحتي أن يفعلوا ذلك، لأنني أدفع سنوياً نحو 4 ملايين ليرة مخالفات وزيادة 500 ألف ليرة، (50ألف ليرة بدل إغلاق المطعم عشرة أيام).
تأتيهم أوامر أن يخالفوا كل المطاعم، فيحضر رئيس دائرة الاستعلام الضريبي ليخالف كل مكان يدخله، معتبراً أنّ ذلك نوع من البطولة، حتى لو لم نكن مخالفين، سيجدون ألف طريقة لكتابة ضبط، وفي أحد الأشهر دفعت 7 ملايين ليرة، ومطعم القرية دفع 4 مليون ليرة، والقيروان 4،3 مليون.
والحلّ برأيك؟
* حتى يريحوا رأسهم ورأسنا، لماذا لا يأخذون ضريبة مقطوعة ولتكن 17,5% أسوة بأوروبا، صحيح أنهم يأخذون الآن 13،5بالمئة، لكن ما ندفعه فعلياً يتجاوز 25% ، ولو أقروا 25 بالمئة، فأنا موافق، لكن دون ضبوط ومخالفات واتهامات عشوائية، ويمكنهم أيضاً اعتماد برنامج محاسبة كما في الدول الأخرى مرتبط بوزارة المالية بحيث تستطيع هذه الأخيرة الدخول إليه دون إرسال موظفيها بأساليب بدائية.
وأريد أن أضيف أن ضريبة الإنفاق الاستهلاكي الموحدة غير منطقية، إذ كيف تأخذ من مطعم مصنف نجمتين نفس النسبة من مصنف خمسة نجوم؟ نحن نتحدث دوماً عن هذا الأمر ويعدوننا خيراً كأنهم يحقنوننا بإبرة مخدر.
وماذا عن الكهرباء والهاتف؟
* في كل بلدان العالم حين يرتفع الاستهلاك ينقص السعر، إلا عندنا، فأنا في شهر واحد أستهلك 36 ألف ليتر مازوت وأحاسب مثل آخر يشتري 20 ليتر، أما الكهرباء، فلدينا عدادات صناعية وسعر الكيلوواط 5 ليرة سورية، وإذا تجولت في المطعم ستجد أن ثلث أنواره مطفأة بسبب الفواتير الباهظة، أقل فاتورة تأتي قيمتها نحو 800 ألف ليرة وتصل إلى مليوني ليرة، ومنذ عامين جاءتني فاتورة بـ 4,8 ملايين ليرة، عندما بدلوا العدادات وأصبحت إلكترونية، فرفعت دعوى قضائية، وأخبرني المحامي أنها تحتاج إلى عشر سنوات لتنتهي، مع أنه لو شغلت كل كهرباء المطعم على مدار 24 ساعة لما استهلكنا بهذه القيمة، وجئنا بخبراء، فقالوا إن طريقة الحساب كلها خطأ، أما في الوزارة فيسيرون على مبدأ: إدفع ثم اعترض.
أيضاً جائتنا فاتورة هاتف بـ 800 ألف ليرة، ولجميع مطاعم الجوار بالقيمة ذاتها تقريباً، مع أن فواتير الدورات السابقة لم تكن تتجاوز 25 ألف ليرة، فذهبت إلى وزير الاتصالات (المنجد)، وقدمت شكوى بينت فيها أن الاتصالات كانت خارجية وعلى مدار 24 ساعة ولمدة أربعة أيام، وأنه يستحيل حدوث ذلك، فأجابني: (ياما في السجن مظاليم)، وهذا أثار غضبي، عندها طلب مني مغادرة المكتب، والمفارقة أن الفاتورة في الشهر التالي كانت 15 ألف ليرة فقط، التفسير الوحيد أنها عملية احتيال كبيرة.
ولماذا لم تلجأ إلى القضاء؟
* قيل لي أنني لا أستطيع رفع دعوتين في وقت واحد على وزارتين، وحتى إذا جاءتني فاتورة كهرباء جديدة مجحفة، فلا يحق لي قانوناً رفع دعوى جديدة بسبب وجود واحدة قديمة.
والبلدية؟
* كل مطعم في المنطقة يدفع 25 ألف ليرة رسماً للبلدية حسب القانون، ولا أعترض على ذلك، لكننا لم نر أية خدمات مقابلها، فمنذ ثلاث سنوات لم أر شجرة زرعت ولا سيارة جاءت لتأخذ القمامة والمهملات الخاصة بالمطعم، لذلك اتفقنا مع مستثمر ليأتي ويأخذها، ونحن مجبرون أن نكنس أمام منشآتنا.
عندما طالبنا البلدية بتنفيذ التزاماتها، أجابونا بأنه ليس لديهم سيارات وليس لديهم تقنيات تنظيف، وطبعا هذا غير صحيح، لأن ما يجمعونه في شهر واحد من المطاعم يكفي لتأمين هذه اللوازم.
وما هو دور غرف السياحة؟
* لا دور لها نهائياً وكلمتها غير مسموعة في الوزارة، ويقتصر عملها على جمع الاشتراكات لأن للوزارة مصلحة في ذلك، وهذه الأخيرة دائما تقدم لنا الوعود، وتسمعنا أن السياحة زادت بهذه النسبة أو تلك، ولا أدري من أين يأتون بالأرقام، وعلى الأرجح أنهم يعتبرون كل شخص عبر الحدود سائحاً حتى لو كان سائق تكسي.
بصراحة لم نعد نفكر بصناعة السياحة بسبب آلية التعامل معنا، وحاولت مراراً مقابلة وزير المالية لكنني فشلت، دائماً يقولون إنه مسافر، مع أنني شاهدته في أحد المرات على شاشة التلفاز في اليوم نفسه.
هل لديك ما تضيفه إلى هذا الحوار؟
* في أحد المرات طالبني موظف أن أضع قائمة الطعام في كل صحن على الطاولات، مع أن هذا خطأ مهني واضح، تشاجرت معه، وبالنتيجة طلبوا مني الإعتذار منه، لكنني رفضت، وأخبرتهم أننا ندرس في معاهدنا الفندقية المناهج البريطانية، وهذا يتعارض معها، لكنهم حرروا مخالفة واضطررنا إلى دفعها، أليست هذه تفاهة؟
وأخيراً أريد التنويه إلى أن الكثير من الشركات تركت البلد أو تنتظر الدعم والتشجيع، فمثلاً مجموعة بن لادن المعروفة عالمياً باستثماراتها في الكثير من البلدان، حفرت مقابلنا وأنهت الأساسات على مساحة تقارب العشرة دونمات ومن ثم ذهبت...

سياسة الباطن الاقتصادية
معن عاقل: ( كلنا شركاء ) 11/7/2009
ماذا لو نفذ السمان تهديده، إن صح التعبير، وأقفل مطعمه وحوله إلى فيلا شخصية؟
وماذا سيكون مصير 1200 عامل بين دائم وموسمي؟
وهل ستؤمن لهم وزارة السياحة فرص عمل بديلة، أم وزارة المالية، أم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، أم بلدية الحتيتة... وهل ستشارك وزارتي الكهرباء والاتصالات في الأمر؟!
ومن المسؤول عن نقل مشروعي التلفريك وصالة التزلج بكلفة 45 مليون دولار إلى بلد آخر؟ أو الأصح تطفيش المشروعين، وما الغاية منه؟ ومن يتحمل وزر فرص العمل المفترضة التي كان ينبغي للمشروعين أن يؤمناها؟
أهي الوزارات المذكورة آنفاً، أم الأنظمة والقوانين التي أشبعناها تحديثاً، أم هو ببساطة جشع مستثمرين لا تشبعه التسهيلات؟
على أية حال، سأفترض أن السمان باح بربع الحقيقة فقط، وهنا أحاول أن أجزيء ما لا يتجزأ، فإن مقارنة العائد بالخسارة في إطار السياسة الحكومية المعلنة ستكون مقارنة مخجلة.
وسيكون مخجلاً أكثر ما رددناه لسنوات وملأنا الأثير به عن تشجيع الاستثمار والتسهيلات وعن إنجازاتنا السياحية وعن القوانين والتشريعات...إلخ.
في عهد حكومات سابقة هللنا وصفقنا كثيراً لهرب المستثمرين أبناء الرأسمالية المتوحشة، وخضعنا، بإرادتنا أو على مضض، لسياسات تتبنى العمال والفلاحين وصغار الكسبة، ولم يختلف اليوم عن الأمس بالنسبة لنا، وشرعنا نصفق مع حكومتنا للمستثمرين الكادحين على أمل أن ينقذوا العمال والفلاحين من طاحونة البطالة المدمرة.
لكننا نكتشف يوماً بعد يوم أن هناك طريقاً ثالثاً غير معلن، طريق سياسة الباطن الاقتصادية، في زمن لم يعد فيه إلا طريق واحد.
وهنا تكمن مأثرتنا: رفض للتقليد وابتكار يحتاج إلى عراف لفك ألغازه.
فتجارب تركيا ولبنان والأردن في السياحة هي أغاني فرحة تثلج قلوب الجميع، أما تجربتنا فهي أغنية حزينة لا يهمها قلب من تدمي.

هناك تعليق واحد:

  1. غير معرف٥/٨/٠٩

    المشكلة هي أن الناس تعودت السكوت والعيش تحت الظلم دون فتح أفواههم. فلو اجتمع السمان مع غيره من كبار المستثمرين في البلد، وقرروا "نشر عرض" الأشخاص المسؤولين عن هذه الممارسات الظالمة وقاموا بتعطيل منشآتهم اعتراضاً على الوقع الذي يحيونه كل يوم لكان خيراً لهم وأسرع في تحصيل حقوقهم. فماذا يستفيدون من صمتهم، وترى الواحد منهم لا يريد إلا السلامة لنفسه دون التفكير في حقوق الآخرين.
    إن ما يشهده هؤلاء من ظلم، إنما مرده إلى ظلم واقع على الناس عامة، ولن يرتاحوا منه إلا إذا فكروا في حل يعود بالخير على الناس عامة.

    ردحذف