اعتزلت عائلة أيهم محرز العالم في مزرعة بريف دمشق، بعيداً عن الناس لإصابتهم بأنفلونزا الخنازير، خاصة بعد الإجراءات "القاصرة" لوزارة الصحة من المرصد الوطني إلى المخبر وصولاً إلى مشفى دارياوأبدت العائلة استغرابها من التعامل "باستهتار"، وقالوا أنهم "يملكون الوعي اللازم لاعتزال العالم خشية نقل العدوى لغيرهم، لكن الكثير من الناس لا يملكون هذا الوعي".
البداية كانت بحضور السيدة (هـ-زليخة)عرس في بيروت، ولدى عودتها إلى اللاذقية شعرت ببعض التعب، هذا التعب الذي ازداد في طريق السفر من اللاذقية إلى دمشق، فعمد الوالد(س-زليخة) إلى مرافقتها لأحد المستشفيات الخاصة، وهناك نصحوهم بإجراء تحليل إنفلونزا الخنازير، لتبدأ الرحلة...
سيريانيوز التقت العائلة التي أطلعتنا على ما حدث معها من اليوم الأول حتى الآن..
تحدث الوالد (س-زليخة) لسيريانيوز "كانت ابنتي على طريق السفر قادمة من اللاذقية إلى دمشق عندما شعرت بالتعب الشديد وكلمتني هاتفياً تشكو لي عن حالتها، و فور وصولها دمشق ذهبنا إلى مشفى هشام سنان حيث قام الطبيب بفحصها و أخبرنا باحتمال إصابتها بأنفلونزا الخنازير، ونصحنا بالذهاب إلى مشفى ابن النفيس الوحيد المؤهل لمثل هذه الفحوص، ولدى ذهابنا إلى ابن النفيس و سؤالنا المتكرر و البحث هناك، أخيراً اعتذروا منا و أرشدونا إلى المرصد الوطني حيث تتم التحاليل"
وتابع الوالد"وصلنا المرصد الوطني قرابة الساعة السابعة و النصف صباحاً، ولم نجد الطبيب المناوب، والذي علمنا فيما بعد أنه ترك مناوبته و غادر في الثالثة صباحاً؟ ونصحنا الممرض بالانتظار حتى يأتي الطبيب المناوب حوالي الساعة الثامنة تقريباً، وفعلاً انتظرنا قدوم الطبيب و الذي قام بأخذ عينة لابنتي من اللعاب من الفم و البلعوم، قال لنا أن نذهب و هو سيرسل العينة إلى المخبر الموجود في الغساني، والنتيجة ستظهر بعد 4 ساعات في المخبر، وستكون متوفرة في المرصد بعد 6 ساعات"
وروى زليخة كيف "كلم المخبر حوالي الساعة الثامنة لمعرفة نتيجة التحاليل" فكان الجواب "بعدم وجود أي عينة باسم ابنته أو حتى استمارة" فعاود الوالد الاتصال بالمرصد ليجد أن "العينة لا تزال لديهم!" ومن ثم طلب الوالد من زوج ابنته أيهم أن "يتابع الأمر".
وحدثنا الزوج أيهم محرز، وهو رجل أعمال سوري مقيم في كندا، عن رحلة التحليل الخاصة بهم "بعد أن علمنا أن العينة لا تزال في المرصد ذهبت إلى هناك و قابلت ذات الطبيب الذي أخذ العينة و الذي بادرني بالقول أنه أرسل العينة الآن، ونفى أهمية أن يكون مع العينة أي استمارة حول المريضة، كما نفى أيضاً معرفته للطريقة التي تصل فيها التحاليل إلى المخفرعندما أردت الاطمئنان على طريقة وصول العينة إلى المخبر، كون حالة زوجتي من سيء إلى أسوأ"
وتابع الزوج"توجهت إلى المخبر في الساعة 1 ظهراً، والذي قال لي أن العينة ستظهر تحاليلها بعد 3 ساعات، و النتيجة النهائية بعد 24 ساعة، و استغرب دكتور المخبر من كون العينة بدون استمارة حول المريضة؟"
وذكر أيهم الاتصال الذي ورده من المخبر قريب الساعة الرابعة والنصف ظهراً ليباركوا له "بالنتيجة السلبية للتحاليل" و خلو جسد زوجته من انفلونزا الخنازير، وذلك "كتحليل مبدأي" للعينة.
وقال الزوج"في اليوم الثاني اتصلت صباحاً بالمخبر لأطمأن على التحليل النهائي للعينة خاصة أن حالة زوجتي ساءت كثيراًَ ، فأجابني دكتور المخبر أن التحليل النهائي لم يتم على عينة واحدة حيث يجب أن يكون هناك 10 عينات على الأقل كون التحليل النهائي مكلف!"
الرحلة الثانية للتحليل و ظهور الأعراض على الأطفال
وتحدثت الزوجة(هـ-زليخة) عن ما حدث معها بعد صدور نتيجة التحليل السلبية"في اليوم الثاني تعبت أكثر، فذهبت إلى مشفى أمية حيث فحصني الدكتور جورج عسافين، والذي شخص الحالة باحتمال أن تكون انفلونزا خنازير أو انفلونزا عادية، و نصحني بالذهاب مرة أخرى إلى المرصد و إجراء التحاليل مرة أخرى، خاصة بعد أن أخبرته أن العينة الأولى التي أخذت مني لم تكن محفوظة لا في براد ولا أي وسيلة حفظ أخرى تحمي العينة و مواصفاتها"
وأضافت الزوجة"لا يوجد أي مظهر من مظاهر الحرفية و الأمان في المرصد الطبي، حتى أن الممرض يرتدي الشحاطة و لا يشبه الممرض أبداً"
وذكرت(هـ) أنه لدى عودتها إلى المنزل "تأكدت من الإصابة بالفيروس وعدم صحة التحليل المبدأي بسبب الحالة الصحية التي تمر بها من دوار رهيب و التعب القوي و الشعور بالفراغ التام بالرأس، و هذه الحالة لا تشبه الرشح أو الانفلونزا العادية التي كانت تمر بها"
فيما قال الزوج "الأعراض بدأت مساءً بالظهور على الأطفال وفي الحال توجهنا إلى عيادات الشام، حيث أكدوا على ضرورة إجراء الفحوصات الخاصة بأنفلونزا الخنازير، وفعلاً توجهنا إلى مستشفى داريا لإجراء التحاليل، وذلك يوم الخميس في الثامنة مساءً، و هنا قاموا بفحص كل من زوجتي وابنتي عليا كون الأعراض ظاهرة عليهما، لكنهم حللوا لزوجتي فقط رافضين التحليل لابنتي رغم الأعراض الظاهرة عليها؟"
وتابع أيهم"كلمناهم الجمعة صباحاً ليقولوا لنا أن نتائج التحليل سلبية و هكذا خالطنا كل أهلنا و أصدقائنا، فهذا التحليل للمرة الثانية الذي يقول أن زوجتي سليمة، لكن مساء الجمعة بدأت التلفونات من وزارة الصحة و من مشفى داريا يطالبوننا بالقدوم إلى مشفى داريا للعلاج و إحضار كل من خالطناهم معنا"
وقام كل من الزوج والزوجة "بإحضار كل من خالطوهم واحتكوا بهم"، وبلغ عددهم 25 شخص، وتوجهوا إلى مشفى داريا، وتم ذلك "قريب الساعة الواحدة ليلاً"
وقال أيهم"قام الدكتور عمر اللبواني بأخذ عينات من الدم من الجميع، وقال لنا أن النتائج تظهر بعد 24 ساعة، و سيتم إرسالها إلى المخبر بعد أن تصل مريضة فرنسية مصابة بأنفلونزا الخنازير ليأخذوا منها عينة أيضاً، و فعلاً غادرنا المشفى الساعة الرابعة ً من صباح يوم السبت"
وأكد الزوج أنه بعد أخذ العينات قام "بعزل زوجته و ابنته"وبدأت الأعراض تظهر على أخت زوجته و أطفالها الثلاث، حيث تم "منحهم 20 حبة بسبب عدم تأكد المشفى من إصابتهم كنوع من أنواع الوقاية، و أما العلاج لن يأخذوه إلا بعد التحاليل"
وعندما تكلم أيهم مع المخبر الموجود بالمستشفى قالوا له "إن نتيجة التحاليل سلبية وباركوا له أن زوجته سليمة"لكنه لم يرتح للجواب فعمد للسؤال مرة أخرى ليكون الجواب"إنهم لم يقوموا بالتحاليل!"
ولدى سماع أيهم أن التحاليل لم ترسل، قام بعدد من الاتصالات بوزارة الصحة ليصل إلى رقم الدكتور هاني اللحام مدير مديرية الأمراض البيئية و المزمنة في وزارة الصحةوالذي قال له "إن الإصابة موجودة لدى الزوجة والابن جود و الابنة عليا، و أنهم لم يقوموا بالتحاليل لأن العينات أخذت بطريقة غير صحيحة، فالعينة يجب أن تكون للعاب و الدم"
وتساءل الزوج"الاهتمام من الوزارة شكلي فقط، أما الإجراءات العملية فهي غير دقيقة، و لولا الوعي الموجود لدينا و حجرنا لأنفسنا كنا نقلنا العدوى للكثر، يعني في المرة الأولى الممرض أخطأ و أرسل العينة دون استمارة، و المرة الثانية أخطأ و كانت العينات غير صحيحة، ونحن عزلنا نفسنا عن العالم ، حتى أن والد زوجتي لديه معمل لم يذهب إليه خشية أن ينقل العدوى للعاملين هناك وهم بدورهم سينقلونه لأهاليهم، وأخت زوجتي أيضاً لم تذهب للعمل وهي موظفة حكومية، نحن فقدنا الثقة بالمرصد و التحليل"
فحص على "طريقة غوار الطوشة"
و تكلم الوالد (س--زليخة) عن "طريقة الفحص الذي جرى بمستشفى داريا والتي تشبه طريقة فحص دريد لحام في إحدى مسرحياته، حيث طلب منه الطبيب أن يأخذ نفس و أن يسعل وانتهى الفحص عند هذا الحد، أي أن الطبيب اكتفى بفحصه السطحي و لم يقم بفحص أي شخص من المجموعة التي كانت متواجدة"
وتابع الوالد"هذا هو المضحك المبكي، نحن نتألم فابنتي مريضة، ولا مشفى يستقبلها، والقبول و الدواء محصورين بوزارة الصحة فقط، حتى أن زوج ابنتي فكر بالذهاب إلى بيروت ليحصل على الدواء"
وذكر الوالد أن "أحد الممرضين قال له أنهم لم يجروا التحليل لشخص واحد أو اثنين لأنه مكلف، فكلفته حوالي الـ 5000 ليرة"!
مريضة فرنسية في ذات اليوم
وذكر الزوج حالة مريضة فرنسية كانوا بانتظار قدومها لأخذ العينات منها مثلهم، وهذه الحالة بقيت في المستشفى وتلقت العلاج بينما بقيت زوجتي خارجاً؟ وهي تم إجراء تحاليلها و نحن لا"
متابعة للمرة الثالثة
وقال أيهم أن "وزارة الصحة اتصلت معهم يوم الإثنين و طلبت منهم إجراء تحليل في مشفى داريا ليكون التحليل رقم ثلاثة، لهم ولكل من خالطتهم السيدة(هـ-زليخة)، وفعلاً و رغم سوء الحالة الصحية للجميع ذهبوا إلى المستشفى، ولم يتم أخذ العينة إلا لأصغر طفل(نور الدين-4سنوات) موجود ضمن الجماعة الذين بلغوا قرابة العشرين، والحجة هذه المرة عدم وجود ماسحات، ولدى ظهور نتائج التحليل له تبين أن نتيجته إيجابية"
وعملت سيريانيوز على نقل واقع الحال لهذه الأسرة السورية لمسؤولي وزارة الصحة، والتقت مدير الأمراض السارية و المعدية في وزارة الصحة الدكتور محمود كريّم والذي أجابنا عن المفارقات بين الاهتمام النظري لوزارة الصحة و الاجراءات العملية القاصرة في المراكز بقوله "كل تدريباتنا كانت مكثفة في مشفى ابن النفيس، لكن الذي قبل يومين فقط من ما حدث مع هذه العائلة تم نقل المركز إلى مرصد الشباب و هذا ما أدى إلى تغير الكوادر"
وعن سبب نقل المركز إلى المرصد الوطني قال كرّيم" المرصد أقل تماساً مع المواطنين من مستشفى ابن النفيس، خاصة أن المرضى هم أكثر قابلية لالتقاط الفيروس بسبب مناعتهم الضعيفة"
واستبعد كرّيم أن تكون "العينة قد أرسلت إلى المخبر بدون استمارة و رجّح أن تكون المعلومات قد أخذت عن طريق الهاتف"
وعن توفر الدواء بشكل حصري لوزارة الصحة قال كريّم "الدواء يجب أن يكون حصراً لوزارة الصحة لأن أنفلونزا الخنازير تم تصنيفها من الأمراض السارية و المعدية، و لا يجب الاستعمال العشوائي لمثل هذه الأدوية كون الفيروس قادر على مقاومة العلاج، حتى ان هذا الدواء ليس علاج 100%"
وأكد كريّم أنه "أمام حالة هذه الأسرة سيعمل على الإجابة على الكثير من الأسئلة التي ظهرت أمامه نتيجة ما مرت به هذه العائلة"، مؤكداً أنهم "سيقومون بالإجراءات الإدارية اللازمة وتكثيف الجولات و الزيارات الميدانية بالإضافة إلى التلعيمات الأشد"
والتقت سيريانيوز الدكتور هزاع الخلف مدير المخابر في وزارة الصحة، والذي قال عن الشكوى من عدم حفظ العينة بالشكل العلمي "لا بد من وضع العينة بالبراد أو في مبردة درجة الحرارة فيها70 درجة تحت الصفر و هنا تبقى العينة صالحة لمدة طويلة"
وشكك الخلف بمعلومة "عدم حفظ العينة بطريقة علمية كما اشتكت السيدة (هـ-زليخة)" وقال الخلف "هذا الكلام غير دقيق فلا بد من حفظ العينة كما ذكرت، وهذا الكلام بالمطلق"
وعن إرسال العينة من دون استمارة قال الخلف "هذا ليس من اختصاصنا لكننا نعمل على المطالبة بالاستمارة من كل بد، و الاستمارة لا بد أن تصل في النهاية"
وتابع مدير المخابر " مديرية المخابر ليست المخولة بأن تقرر بإجراء التحليل أو لا، و إنما هم يعمدون إلى إرسال الاستمارات إلى مديرية الأمراض البيئية و المزمنة وهم الذين يقرروا، ولا يمكن لكل من شك أنه مريض بأنفلونزا الخنازير أن نجري تحليل له"
وذكر الخلف أنهم "قاموا بتدريب المخبريين وتعميم كل من شروط العينة والاستمارة المطلوبة"
وعن شروط العينة قال الخلف"يجب أن تكون أعراض الإنفلونزا ظاهرة على المريض، و ان تؤخذ العينة من خلايا مخدوجة، وأن يتم حفظ العينة بالشروط التي ذكرتها"
يذكر أنه حتى ساعة إعداد التحقيق لا تزال الأسرة معتزلة في مزرعة بمنطقة دروشة خشية أن نقل العدوى إلى غيرهم.
لارا علي - سيريانيوز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق